إن الانسان، بطبيعته، لا يكتفي بالمعرفة المجردة، بل يبحث عن التجربة. وحتى في أكثر القاعات علمية ورصانةً، يظل التعليم الذي يلامس حواسنا ومشاعرنا هو الأكثر…
إن الانسان، بطبيعته، لا يكتفي بالمعرفة المجردة، بل يبحث عن التجربة. وحتى في أكثر القاعات علمية ورصانةً، يظل التعليم الذي يلامس حواسنا ومشاعرنا هو الأكثر رسوخًا في أذهاننا. ومن هنا ينبع دور الفعاليات التعليمية المبتكرة بوصفها منصات تفاعلية تتجاوز حدود الكتاب والمعلّم التقليدي، لتصنع أثرًا عميقًا ومؤثرًا في رحلة التعلم.
في عالم اليوم، أصبح تصميم الفعالية التعليمية عملًا متكاملاً يمزج بين الهندسة الفكرية والإبداعية والتقنية العالية، بهدف بناء بيئة تعليمية محفّزة، مرنة، وقادرة على مواكبة احتياجات المتعلمين من مختلف الفئات. وهنا تتجلى فلسفة ماندالا، التي تنظر إلى الفعاليات التعليمية ليس باعتبارها مجرد نشاط مصاحب، بل بوصفها ركيزة استراتيجية لإعادة ابتكار تجربة التعليم برمتها.
يمكننا القول باختصار إن العقل البشري يستوعب المعرفة بصورة أكبر كلما كانت مرتبطة بالتجربة. الندوات والمحاضرات الجامدة قد تنقل المعلومات، لكنها غالبًا لا تحفّز الإبداع ولا تنمّي التفكير النقدي. أما الفعاليات التعليمية المبتكرة، فتدفع الحضور إلى المشاركة الفاعلة، وتخلق لديهم ارتباطًا عاطفيًا بالمعرفة يجعلها أكثر قابلية للبقاء والتطور.
ومع جمهورنا المستهدف النخبة الواعية التي ترى في كل تجربة قيمة معنوية وفكرية، إضافة إلى حرصها على الجودة الفائقة يصبح من الضروري تصميم فعاليات تعليمية تمتاز بما يلي:
عند النظر للتجارب العالمية، نجد نماذج رائدة أعادت تعريف العلاقة بين الفعالية والتعليم. على سبيل المثال، أطلقت مؤسسات كبرى مثل البنك الدولي مبادرات تكنولوجيا التعليم التي تسلّط الضوء على أكثر من 20 مشروعًا تعليميًا مبتكرًا حول العالم، تستهدف تحسين الوصول للتعليم وتقديم محتوى تفاعلي يحقق نتائج ملموسة.
من هذه المبادرات:
تدلنا هذه المبادرات على حقيقة جوهرية: الفعالية التعليمية المبتكرة ليست ترفًا، بل وسيلة ضرورية لجعل التعليم أكثر عدلاً، وأكثر وصولًا، وأكثر تأثيرًا في تغيير حياة الناس.
وعلى مستوى آخر من الإبداع، نلاحظ ما يحدث في مؤتمرات الذكاء الاصطناعي في التعليم، مثل التجارب الرائدة في الإمارات. هناك، ناقش خبراء كيف يستطيع الذكاء الاصطناعي أن ينقل التعليم من قاعات تقليدية مملة إلى فضاءات مبتكرة نابضة بالحياة.
من أبرز هذه الابتكارات:
تشير الدراسات إلى أن هذه التقنيات ساعدت على تحسين نتائج الطلاب بنسبة تصل إلى 25%، وهو رقم مذهل لو قورن بأساليب التعليم التقليدية.
هنا في السعودية، بدأت تظهر ممارسات تعليمية مبتكرة تعتمد بدورها على أساليب تفاعلية رائدة، منها:
هذه الاستراتيجيات لا تغير فقط نتائج التعلم، بل تغيّر أيضًا سلوك الطلاب، وتجعلهم أكثر شغفًا بالمعرفة، وأقدر على التفكير النقدي.
من خلال تجربة ماندالا في تصميم وإخراج الفعاليات، نؤمن أن نجاح أي فعالية تعليمية يقوم على مزج ثلاثة محاور جوهرية:
هنا تظهر قوة ماندالا: إذ تمتزج هذه الأبعاد الثلاثة لتقديم تجربة تعليمية تفاعلية راقية، تليق بجمهور متطلّب يقدّر الجودة والمعنى.
ما يميز الفعالية التعليمية عن الصف التقليدي هو أنها تضع المتعلم في حالة انخراط نشط؛ فهو لا يجلس منتظرًا، بل يشارك ويؤدي ويحلل ويبتكر. الدراسات الحديثة تثبت أن التعلم النشط (Active Learning) يضاعف استيعاب الطالب مقارنة بأسلوب التلقين.
كما أن ربط التعليم بفعاليات لها صبغة اجتماعية يفتح الباب أمام علاقات وشبكات مهنية قيّمة، وهذا يرفع دافعية الطلاب ويزيد انتماءهم.
ولذلك نشاهد في مبادرات مثل Ubongo أو EkStep كيف يوظّفون الوسائط التفاعلية (ألعاب، مقاطع فيديو، قصص) لبناء محتوى تفاعلي يتجاوز مجرد إيصال المعلومة إلى زرع الحماس داخل الطالب، ليصبح شريكًا في بناء مستقبله.
حين ننظر للتجربة الشاملة التي تقدمها هذه النماذج العالمية، ندرك أن الفعاليات التعليمية أصبحت اليوم ضرورة تنموية وليست ترفًا ثقافيًا.
من واقع خبرة ماندالا الممتدة في تصميم وإدارة الفعاليات، فإننا لا نرى الفعاليات التعليمية بوصفها مجرد عروض، بل نعتبرها أدوات استراتيجية قادرة على بناء الإنسان وصناعة المستقبل.
ولذلك، نتعامل مع تصميم هذه الفعاليات وفق أعلى معايير التفكير التصميمي، بدءًا من تحليل شخصية المتعلم وفهم تطلعاته الثقافية والاجتماعية، مرورًا باختيار أفضل الحلول التقنية التفاعلية، وصولًا إلى تفاصيل الإخراج يوم الحدث، التي تعكس ذائقة الجمهور الرفيعة.
سواء كنا ننظم ورشة تعليمية صغيرة، أو نشارك في مؤتمرات ضخمة للذكاء الاصطناعي في التعليم، أو حتى نستلهم من مبادرات البنك الدولي في تكنولوجيا التعليم، فإن فلسفتنا ثابتة:
كل تفصيلة مصممة لتحدث أثرًا حقيقيًا، ولتمنح الحضور تجربة ثرية تبقى معهم طويلًا.
وهكذا نساهم في ترسيخ رؤية المملكة في صناعة تعليم متطور، تفاعلي، ومستدام، يبني عقولًا مبدعة وقادرة على قيادة المستقبل.
إن الفعالية التعليمية الناجحة هي التي لا تنتهي مع تصفيق الجمهور، بل تبدأ حين يخرج المتعلم منها وهو ممتلئ بشغف التجربة، وطموح الاستمرار في رحلة المعرفة. وفي ماندالا، نصنع هذا الشغف ونحوّله إلى واقع حيّ يليق بجمهور يؤمن أن الجودة والمعنى هما أساس كل تجربة تعليمية راقية.
اقرأ أيضًا:
شاركنا بريدك الإلكتروني وادخل معنا في مساحة مليانة وعي، نمو، وإلهام.
جمبع الحقوق محفوظة © ماندالا 2025
WhatsApp us